هل هدم المسجد النبوي مقدمة لهدم الأقصى
د.نسيب حطيط
تسربت معلومات حول نوايا السعودية هدم المسجد النبوي الشريف وقسم من مقبرة البقيع التي تحتضن قبور أربعة من الأئمة بينهم الإمام الحسن(ع) بحجة بناء أكبر مسجد في العالم ،
لم تنف السعودية ما أعلن،ولم يعرف.ز هل ستدمر الحجرة النبوية الشريفة التي تحتضن جثمان رسول الله(ص)وتزيل أخر معالم البعثة النبوية في المدينة ومكة المكرمة، فبعد إغلاق حصن(خبير) وتحويل ساحة موقعه(بدر)إلى موقف للسيارات ومنع زيارته ،وكذلك جبل أحد وتدمير كل المعالم الآثرية والثقافية في المدينة المنورة في التوسعات المتعددة للمسجد النبوي وإستبدالها بالفنادق الفخمة والمحلات التجارية والأسواق،فقد تم محو الهوية الإسلامية للمدينة وتحولت إلى إحدى المدن الغربية في وسط الصحراء وظهر المسجد النبوي غريبا عن محيطه ،و حوصر بشريط دائري من الأبنية التي تؤمن التجارة والإستجمام والتسوق وتفصل المدينة وسكانها بشريط عازل على مستوى الرؤيا البصرية.
وفي مكة المكرمة هدم بيت السيدة خديجة زوجة رسول الله(ص)وحولته السلطات إلى حمامات عامة،وتم تحويل البيت الذي ولد فيه رسول الله(ص)إلى مكتبة عامة وتم تدمير كل الآثار والمعالم التاريخية ، وتم بناء الفنادق الفخمة الحديثة بإرتفاعهاا المبالغ فيه(أبراج عالية)التي غطت المسجد الحرام فلا يراه الزائر إلا عند الوصول إليه، وصار المسجد الحرام والكعبة الشريفة في خدمة التسويق الفندقي بدل أن تكون الفنادق والبيئة المحيطة في خدمة الزوار.
لقد تم محو المعالم الدينية والتاريخية في بقاع المملكة تحت ذريعة ممارسة(الشرك الخفي)وفق النهج الديني للحركة الوهابية،وأن إبقاء المعالم الدينية والمقابر والآثار الإسلامية،ستجذب إليها المسلمين للزيارة والتبرك،مما يعني وفق(الفكر الوهابي)عبادة هذه الآثار والأحجار وهذا شرك بالله سبحانه،وبدعة وضلال لكن المبدأ الإسلامي يقول (إنما الأعمال بالنيات)فالزائر لا يعبد حجرا ،وإنما يزور شواهد ثقافية وحضارية للأمة الإسلامية و ما أبدعته الأجيال المتعاقبة في الماضي والحاضر وما سيبنيه في المستقبل،وإن محو آثار الماضيين(المادية)من بيوت وقبور وحصون وساحات معارك حتى(غار حراء)مكان الوحي الأول ،يتعرض للحصار وإطلاق القرود في محيطه والنهي عن زيارته من قبل جماعة(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
إن هدم الآثار الإسلامية بشكل بطيء وهاديء خلال القرن الماضي شجع الفكر الوهابي(الإستئصالي) لمحو كل ما يدل على الهوية الإسلامية في جزيرة العرب،والسكوت المريب للمسلمين عن هذه الخطايا المفجعة.
إن الأماكن المقدسة ليست ملكا لعائلة أو نظام أو بلد،بل هي ملك المسلمين كافة ،و ملك الوقف الإسلامي الخاص الذي لا يجوز لأي أحد أن يصادره أو يغير معالمه، وإذا تم تكريس خصوصية الملكية(للكعبة)والمسجد النبوي وغيره،سيؤدي إلى تكريس ملكية المسجد الأقصى للفلسطينيين أو للإحتلال الإسرائيلي أو أي إحتلال أخر،وله حق التفرد بالعمل فيه من هدم أو تعديل ،ومن يسكت عن هدم المسجد النبوي الشريف يوافق على هدم المسجد الأقصى(أولى القبلتين وثالث الحرمين) والحرمين( المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف).
إن ما تقوم به السعودية كلمة حق يراد بها باطل فإن أرادت توسعة المسجد النبوي فهي تستطيع ذلك من الناحية الهندسية دون هدم الحجرة والقبر الشريف،كما فعلت في السابق،وإذا بررت فعلها بأن(الحجرة والقبر)سيكونان في الوسط مما يجعل الناس تصلي عليهما فهذا إدعاء باطل لأن التوسعة القديمة الموجودة الآن هي خلف(الحجرة النبوية الشريفة)والتوسعة الجديدة ستكون في أكثرها ...أمام الحجرة بإتجاه القبلة!
نوجه نداؤنا إلى المسلمين للتحرك للدفاع عن رسول الله(ص)وحرمته وكرامته،ولا بد للتحرك سريعا لمنع هدم المسجد النبوي الشريف،تحت أي ذريعة كانت وكأن الأذية للرسول لم تتوقف منذ أن عمد المشركون إلى تهجيره من مكة في بداية الدعوة وحصاره في شعابها ، لكنه عاد فاتحا منتصرا وعفا عن الذين آذوه وقاتلوه(إذهبوا فأنتم الطلقاء) لكنهم يعودون لتهجيره ومحو قبره ثانية...فهل يتحرك المسلمون أم يصمتوا؟!
بيروت في 1/1/2013 سياسي لبناني*